Skip to content Skip to footer

جيفري هينتون يتنبأ بانقراض البشرية بسبب الذكاء الاصطناعي

بقلم :Dan Fitzpatrick

Dec 29, 2024

جيفري هينتون، المعروف غالبًا كأحد “آباء الذكاء الاصطناعي”، يرى أن هناك احتمالًا بنسبة 10% إلى 20% بأن يقود الذكاء الاصطناعي البشرية إلى الانقراض خلال الثلاثين عامًا القادمة. في مقابلة مع إذاعة “بي بي سي راديو 4″، قال عالم الحاسوب البريطاني-الكندي: “لم يسبق لنا أن واجهنا شيئًا أكثر ذكاءً منا من قبل. وبصراحة، كم عدد الحالات التي تعرف فيها أن شيئًا أكثر ذكاءً يتحكم فيه شيء أقل ذكاءً؟” هذا التقييم من هينتون يسلط الضوء على الحاجة الملحة لاتخاذ خطوات جدية، ويطرح تساؤلات عميقة حول كيفية تطوير الذكاء الاصطناعي وإدارته.

كيف يمكننا تقليل المخاطر؟
لتجنب المخاطر الوجودية التي قد يسببها الذكاء الاصطناعي، نحن بحاجة إلى التركيز على ثلاث أولويات رئيسية: التنظيم، التعاون العالمي، والتعليم المبتكر. من خلال إعطاء الأولوية لبقاء البشرية، نفهم أن تطوير الذكاء الاصطناعي لم يعد مسألة تخص قلة فقط، بل أصبح مسؤولية عالمية.

نحن بحاجة إلى تنظيم دولي واتفاقيات على غرار معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لعام 1968. ومع ذلك، حتى مع وجود مثل هذه الاتفاقيات، فإن القوانين وحدها ليست كافية. التعليم هو الأداة الأقوى لحماية مستقبل البشرية. ومن خلال ما أطلق عليه “التعليم اللامحدود”، يمكننا تعزيز القيم الإنسانية والإبداع والتفكير الأخلاقي، بحيث نعمل جنبًا إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي بدلًا من التنافس معه.

تعزيز القدرة على التكيف
بدلًا من الاعتماد على أنظمة تعليمية تقليدية، نحن بحاجة إلى نموذج تعليمي يتطور مع التقدم التكنولوجي. التعليم يجب أن يكون فلسفة تدعو إلى التكيف والفضول المستمر مدى الحياة. الهدف هو تطوير مهارات إنسانية لا يستطيع الذكاء الاصطناعي تكرارها بسهولة، مثل التعاطف، والحكم الأخلاقي، وبناء الشخصية. بدلًا من محاولة سد الثغرات التي يتركها الذكاء الاصطناعي، علينا تهيئة جيل يمكنه الازدهار بجانبه.

تعليم الأخلاقيات ضمن المناهج الدراسية سيساعد الطلاب على فهم المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي وكيفية التعامل معها. وقد أشار مقال في “المجلة الدولية لتعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات” إلى الحاجة الملحة لدمج مبادئ أخلاقية في تعلم الذكاء الاصطناعي. هذا النهج لا يعالج فقط قضايا مثل التحيز في الخوارزميات والعواقب غير المقصودة، ولكنه يخلق أيضًا شعورًا بالمسؤولية لدى قادة المستقبل، مما يساعد في سد الفجوة بين الابتكار التكنولوجي ورفاهية المجتمع.

التعاون بدلًا من المنافسة
تعلّم الذكاء الاصطناعي أصبح ركيزة أساسية لأي إصلاح تعليمي حقيقي. يجب أن نزود الشباب بالمهارات التي يحتاجونها ليزدهروا في عالم يغير فيه الذكاء الاصطناعي الصناعات بسرعة. وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، قد تُخلق 69 مليون وظيفة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي بحلول عام 2027. استغلال هذه الفرص لا يتطلب فقط مهارات تقنية مثل البرمجة وتحليل البيانات، ولكنه يتطلب أيضًا عقلية ريادية والتزامًا مستمرًا بالتطوير الذاتي. يجب أن تتحول المؤسسات التعليمية إلى منصات تركز على خلق القيمة، تُعد الطلاب للتعامل مع الغموض، وتُمكّنهم من تقديم مساهمات فعالة في عالم يهيمن عليه الذكاء الاصطناعي.

التنظيم والعمل العالمي
دعوة جيفري هينتون لاتخاذ خطوات تنظيمية قوية وجدت صداها لدى جهات دولية مثل الأمم المتحدة. في عالم تغلب فيه المصالح الاقتصادية غالبًا على الاعتبارات الأخلاقية، يصبح وجود إشراف عالمي أمرًا حيويًا. يجب أن تسعى السياسات إلى تشجيع الأبحاث المفيدة في مجال الذكاء الاصطناعي، مع فرض ضوابط صارمة على التطبيقات الضارة، مثل أنظمة الأسلحة المستقلة. يمكن لنموذج مشابه للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) أن يساعد الدول على التنسيق ووضع معايير موحدة تحمي مصالح البشرية طويلة الأمد، بدلًا من التركيز على المكاسب السريعة.

رؤية تعتمد على التعليم اللامحدود
هذا ليس وقت الهروب من تحديات الذكاء الاصطناعي بدافع الخوف. إن تبني نهج “التعليم اللامحدود” يعني أن الهدف ليس التفوق على الآلات فقط، بل تطوير قدراتنا البشرية باستمرار. هذا النهج يعزز المرونة والابتكار، وهما عنصران أساسيان لمواجهة التحديات الكبرى التي يطرحها الذكاء الاصطناعي.

لتنفيذ هذه الرؤية، نحتاج إلى إصلاح شامل للنظام التعليمي. يجب أن تتخلى المدارس عن التركيز الضيق على اختبارات التحصيل الأكاديمي، وتتبنى طرق تقييم أكثر شمولية تشمل مهارات ريادية مثل حل المشكلات، والعمل الجماعي، والقيادة. كما أن تطوير مهارات المعلمين بشكل مستمر أمر أساسي، لضمان وعيهم بمخاطر وإمكانات الذكاء الاصطناعي، مما يمكنهم من توجيه الطلاب بشكل أفضل. والأهم من ذلك، يجب أن ينظر المجتمع إلى التعليم باعتباره حجر الزاوية، ليس فقط للاستعداد الوظيفي، ولكن للنمو مدى الحياة والمشاركة الفعالة في المجتمع.

إذا كنا نواجه خطرًا يقدر بنسبة 10% إلى 20% من الانقراض، فإن تبني فكرة “التعليم اللامحدود” يتيح لنا تشكيل مستقبل يتمكن فيه الذكاء الاصطناعي من دعم التقدم البشري بدلًا من تهديده.

القضية هنا ليست مجرد البقاء على قيد الحياة في عصر الذكاء الاصطناعي، بل الازدهار في ظله. من خلال تنظيم مدروس، وتعاون عالمي، وإصلاحات تعليمية جريئة، يمكننا ضمان أن تُسخَّر إمكانات الذكاء الاصطناعي القوية لتحقيق تطلعاتنا الإنسانية العظمى، بدلًا من أن تكون تهديدًا لوجودنا. تحذير هينتون يجب أن يحفزنا على التحرك السريع والحاسم، وأن يلهمنا لبدء حقبة جديدة تتقدم فيها التكنولوجيا والإنسانية معًا، مدفوعة بقيم مشتركة والتزام راسخ بحماية مستقبلنا الجماعي.

المصدر: forbes

Leave a comment