بقلم:Bernard Marr
Jan 15, 2025
يتغير مشهد العملات الرقمية بشكل سريع ليتجاوز فكرة النقود الرقمية. وبينما تستمر القيمة المتزايدة لعملة البيتكوين في جذب الأنظار – ويرجع ذلك جزئيًا إلى التفاؤل بالموقف المؤيد للعملات الرقمية الذي يتبناه دونالد ترامب – هناك تطور جديد يبرز بقوة وقد يكون أكثر أهمية: العملات الرقمية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
ما هي العملات الرقمية للذكاء الاصطناعي؟
يمكننا التفكير في العملات الرقمية للذكاء الاصطناعي على أنها رموز رقمية مخصصة لدعم وتشغيل أنظمة وخدمات الذكاء الاصطناعي. فعلى عكس البيتكوين، الذي تم تصميمه ليكون نقودًا رقمية، تم ابتكار هذه العملات لتحقيق غايات مختلفة، أهمها تمكين تقنيات الذكاء الاصطناعي من العمل بكفاءة.
كيف تعمل العملات الرقمية للذكاء الاصطناعي؟
هناك ثلاثة استخدامات رئيسية لهذه العملات:
- الدفع مقابل خدمات الذكاء الاصطناعي: تمامًا كما ندفع أموالًا لاستخدام خدمات مثل الحوسبة السحابية من أمازون أو جوجل، تتيح هذه الرموز دفع تكاليف الوصول إلى نماذج الذكاء الاصطناعي، والقدرات الحاسوبية، والبيانات. المميز هنا هو أن كل شيء يتم بشكل تلقائي عبر تقنية البلوك تشين دون الحاجة إلى طرف ثالث لمعالجة المدفوعات.
- إنشاء شبكات ذكاء اصطناعي لا مركزية: بدلاً من الاعتماد على مركز بيانات واحد تمتلكه شركة محددة، تتيح هذه العملات إنشاء شبكات يمكن أن تعمل فيها آلاف الأجهزة حول العالم معًا لتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي. الأشخاص أو المؤسسات التي تمتلك قدرات حاسوبية فائضة يمكنها “تأجيرها” للآخرين والحصول على مدفوعات باستخدام هذه العملات.
- إدارة ومشاركة البيانات بشكل آمن: تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي على كميات هائلة من البيانات، وتساعد هذه العملات في تتبع ملكية البيانات وتحديد من يمكنه استخدامها، بالإضافة إلى ضمان حصول أصحاب البيانات على عائد مادي عادل عند استخدام بياناتهم لتدريب الأنظمة.
لماذا هذا التطور مهم؟
ما يجعل العملات الرقمية للذكاء الاصطناعي مثيرة للاهتمام هو قدرتها على فتح آفاق جديدة لتطوير هذه التقنية. فبدلاً من أن تكون موارد الذكاء الاصطناعي تحت سيطرة مجموعة من شركات التكنولوجيا الكبرى، يمكن لهذه العملات أن تُسهم في خلق نظام أكثر انفتاحًا، حيث يمكن لأي شخص أن يشارك في تطوير هذه التقنية والاستفادة منها. يشبه الأمر الانتقال من عالم يقتصر فيه تحويل الأموال على البنوك إلى عالم يستطيع فيه أي شخص إرسال الأموال مباشرة إلى شخص آخر – لكن هذه المرة ينصبّ التركيز على الذكاء الاصطناعي بدلًا من الأموال.
لماذا يجب على قادة الأعمال الانتباه لهذا التطور؟
بالنسبة للشركات، تقدم العملات الرقمية للذكاء الاصطناعي فرصة لإعادة التفكير في كيفية نشر البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وتوسيعها. يمكن لهذه التقنيات أن تقلل من تكلفة موارد الحوسبة اللازمة للذكاء الاصطناعي من خلال تمكين الشركات من الوصول إلى قدرات حاسوبية لا مركزية عند الحاجة، بدلاً من الاستثمار في بنية تحتية خاصة قد تظل غير مستغلة بشكل كافٍ.
ومن جهة أخرى، توفر تقنية البلوك تشين التي تقوم عليها هذه العملات حلولًا قوية لحوكمة البيانات والامتثال للقوانين – وهي قضايا حيوية للشركات العاملة في قطاعات تخضع للتنظيم. يمكن تتبع كل عمليات الذكاء الاصطناعي بشكل دائم، مما يوفر سجلات واضحة وقابلة للتدقيق، مع ضمان الالتزام التلقائي بقوانين حماية البيانات في مختلف المناطق.
بالنسبة لقادة التكنولوجيا، تشمل الفوائد المحتملة لهذه التقنيات خفض التكاليف بفضل البنية التحتية المرنة، وتعزيز الأمان والامتثال، بالإضافة إلى استكشاف فرص لنماذج أعمال جديدة. ومع ذلك، يجب على الشركات دراسة هذه الفوائد بعناية وموازنتها مع متطلبات الأمان المحددة، والتحديات التنظيمية، واحتياجات التكامل قبل اعتماد هذه التقنيات الناشئة.
ما هي أمثلة العملات الرقمية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي؟
شهدنا في السنوات الأخيرة ظهور مشاريع مبتكرة تدمج بين الذكاء الاصطناعي وتقنية البلوك تشين، حيث تسعى هذه المشاريع إلى تلبية احتياجات متنوعة للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في المؤسسات. وبينما تُتداول هذه العملات الرقمية في العديد من البورصات، فإن قيمتها الحقيقية لا تكمن في التداول فحسب، بل في الإمكانيات التكنولوجية التي تقدمها والتطبيقات العملية التي يمكن أن تحققها.
تنبيه هام:
ذكر هذه العملات هنا ليس بمثابة نصيحة استثمارية. سوق العملات الرقمية معروف بتقلبه الكبير ومخاطره العالية، وما يُطرح هنا هو للتعريف بالابتكارات التكنولوجية فقط.
أمثلة على العملات الرقمية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي:
- Bittensor
يعد مشروع “Bittensor” من المشاريع البارزة في مجال الذكاء الاصطناعي اللامركزي. يتيح هذا المشروع للمؤسسات التعاون لتطوير وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي عبر شبكات موزعة، مما يساعد في تقليل التكاليف وتعقيد العمليات، مع تعزيز الابتكار من خلال مشاركة الموارد. - Render
يقدم “Render” حلًا لإحدى أكبر التحديات في مجال الذكاء الاصطناعي للمؤسسات: توفير القدرة الحاسوبية عبر وحدات معالجة الرسومات (GPU). يوفر هذا المشروع سوقًا لامركزيًا لتأجير الموارد الحاسوبية، مما يتيح للمؤسسات توسيع عملياتها المرتبطة بالذكاء الاصطناعي بشكل ديناميكي دون الحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية. - Worldcoin
أطلق مشروع “Worldcoin”، المؤسس المشارك لمنظمة OpenAI، سام ألتمان. يهدف المشروع إلى إنشاء شبكة لامركزية للتحقق من هوية الأفراد عبر الإنترنت باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات البيومترية، مما يجعله حلًا مميزًا لمخاوف المؤسسات المتعلقة بالهوية الرقمية والأمان. - NEAR Protocol
يركز بروتوكول “NEAR” على إنشاء بنية تحتية لتطوير أدوات وخدمات الذكاء الاصطناعي كتطبيقات لامركزية (dApps)، تعمل دون الحاجة إلى سيطرة مركزية، مما يوفر بيئة مرنة ومبتكرة. - AIOZ Network
يمثل “AIOZ Network” حلًا لامركزيًا قائمًا على البلوك تشين يُستخدم في بث المحتوى، سواء كان بيانات أو فيديوهات أو حتى موارد حوسبة الذكاء الاصطناعي، مما يعزز المرونة والكفاءة.
لماذا هذا مهم؟
تُظهر هذه المشاريع كيف يمكن للذكاء الاصطناعي وتقنية البلوك تشين أن يكمل كل منهما الآخر لتلبية احتياجات متعددة، مثل توفير الموارد الحاسوبية، وحماية الهوية، وإدارة البيانات. ومع تطور هذه المنصات، من المتوقع أن تلعب دورًا أساسيًا في الطريقة التي تُطور بها المؤسسات أنظمة الذكاء الاصطناعي وتنفذها.
الطريق إلى الأمام: الخطوات القادمة
يمثل التقاطع بين تقنيات البلوك تشين والذكاء الاصطناعي فرصة هائلة للمؤسسات، لكنه في الوقت نفسه يتطلب استعدادًا استراتيجيًا. وعلى الرغم من أن هذه التقنيات لا تزال في مراحلها الأولى، فإن المؤسسات بحاجة إلى التحضير لدمجها في عملياتها المستقبلية.
أولويات المرحلة الحالية:
- التعلم والتقييم: يحتاج قادة التكنولوجيا إلى فهم التأثير المحتمل لهذه الأنظمة على استراتيجياتهم المتعلقة بالبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، ومتطلبات حوكمة البيانات، والمنافسة في السوق.
ما يمكن توقعه:
- ظهور منصات متقدمة توفر للمؤسسات التحكم والأمان الذي تحتاجه، إلى جانب مرونة الأنظمة اللامركزية.
- تطور الأطر القانونية والتنظيمية لتقديم إرشادات واضحة حول كيفية استخدام هذه التقنيات، خاصة في القطاعات التي تخضع لتنظيم صارم.
- معايير جديدة تضمن التكامل السلس بين هذه الأنظمة والبنية التحتية الحالية للمؤسسات.
ورغم التحديات المتعلقة بالتوسع، وكفاءة الطاقة، والامتثال للتشريعات، فإن الفوائد التي يمكن أن تحققها هذه التقنيات في تحسين كفاءة أنظمة الذكاء الاصطناعي وأمانها وقابليتها للتوسع تستحق الاهتمام. المؤسسات التي تبدأ بالاستعداد من الآن ستكون في موقع أفضل لبناء أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر قوة وكفاءة في المستقبل القريب.
المصدر: forbes